نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

نقوس المهدي - الأطعمة والأشربة..

نقوس المهدي

مشرف
طاقم الإدارة
(ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله.) هكذا يقول السيد يسوع المسيح في انجيل متى، لكنه يبقى ضروريا لشد اوده ووقايته من والامراض والهلاك، ويتصدر مكانة كبيرة في الحياة، ويتمتع بالقداسة المستمدة من رومزيته في الوعي الجمعي للشعوب ونظرتهم اليه بأنه سر الحياة، وأطلق الفرعونيون اسم (العيش) على الخبز.
وفي حديث نبوي [أكرموا الخبز فإن الله أكرمه وسخر له بركات من السماء والأرض، ولا تسندوا به القصعة فانه ما أهانه قوم إلا ابتلاهم الله بالجوع].
يقول الأستذ شوقي البرنوصي في مقال له بعنوان: "أبعد من الخبز": [ليس بالضرورة أن تكون لاهوتيا لتدرك أن الخبز مرتبط بالقداسة. فنبي المسلمين محمد يقول فيه : "أكرموا الخبز فإن الله أكرمه وسخر له بركات من السماء والأرض، ولا تسندوا به القصعة فانه ما أهانه قوم إلا ابتلاهم الله بالجوع". ونهى أيضا عن قطعه بالسكين إكراما له. وعندما نعرف أن بيت لحم تعني بالآرامية دار الخبز]
وفي ديوان (القول المأثور من كلام سيدي عبدالرحمن المجذوب) نجده يقول:
[الخبز يا الخبز
والخبز هو الافادة
لو كان ما كان الخبز
ما يكون لا دين ولا عبادة]
والواحد منا حينما يصادف كسرة خبز مرمية على الطريق، يزيحها بلطف عن سبيل المارة، تكريما وتعظيما واحتراما للخبز، كما نتداول عبارات في حديثنا العادي: "نصور طرف ديال الخبز"، أو "كنجريو على طرف ديال الحبز"، وهذا يؤكد مكانة الخبز زأهميته في حياتنا..
كما ان معظم الثورات والانتفاضات الشعبية التي حدثت عبر التاريخ كان الخبز هو محركها الأساسي، كثورة الخبز بتونس، وانتقاضة الخبز بالمغرب 1981 - 1984، التي قضى خلالهما المئات من الشهداء من أجل الكرامة والعيش الكريم، وقد أطلق عليهم المجرم البصري (شهداء الكوميرة)، وهي عبارة ظلت تشهد على تاريخه الفظيع

كان لاكتشاف النار الأثر الكبير لانتقال البشر من مرحلة تعتمد النبات واللحم النيء والتوحش، الى مرحلة الطبيخ وبداية التحضر، وقد لقي فن الطبخ عناية زائدة من لدن المؤلفين عبر العصور، وألفت في شأنه العديد من الكتب التراثية، مثل الشاعر الطباخ كشاجم، والجاحظ والهمذاني

وذكرت الاستاذة ذهبية عبدالقادر في دراسة العديد لها بعنوان (فضالة الخوان..رحلة بحث عن ثلاث نسخ من المخطوط الضائع) عددا من الكتب النادرة في فن الطبخ

(كتاب الطبخ) للحارث بن بسخنر.
(كتاب الطبخ) لإبراهيم بن المهدي.
(كتاب الطبخ )لإبن ماسويه.
كتاب ( الطبخ) لإبراهيم بن العباس الصولي.
كتاب الطبيخ لعلي بن يحي المنجم.
كتاب ( أطعمة المرضى) للرازي وله كذلك كتاب( الطبيخ).
كتاب (إكرام الضيف )لإبراهيم بن إسحاق.
كتاب (أدب القرى) لإبراهيم بن إسحاق الحربي.
كتاب (رسالة في أنواع الأطعمة وكيفية طبخها) لتاج الدين بن زكرياء بن سلطان النقشندي.
كتاب (رسالة في أحكام القهوة) للحافظ السيوطي.
كتاب (الطبيخ في المغرب والأندلس) ، تحقيق ه.ميراندا في مجلة المعهد المصري بمدريد سنة 1962 ـ و1961 ،وآخر صدر في بداية القرن السابع الهجري ،في العصر المريني:
(كتاب الطبيخ) لشمس الدين محمد بن الحسن الكاتب البغدادي المتوفى سنة 637 ،1239 والذي نشره الدكتور داود حلبي في الموصل سنة 1352 ،1933
كتاب: (الطبيخ) لمحمد بن حسن البغدادي
وكتب أخرى تعود لإبراهيم الكاتب
وأخرى ذكرها النديم في كتاب الفهرست، والمسعودي في كتابه الفريد مروج الذهب

ولعل أهم كتاب في الطبخ وصلنا من الأندلس هو كتاب بعنوان (فضالة الخوان في طيبات الطعام والألوان) للشيخ إبن رزين التجيبي، من تحقيق الباحث المغربي محمد بن شقرون
وفي الادب والشعر اجتهد الشعراء في التغني بالخبز، وأهل صناعته، خاصة ابن الرومي الذي وصف خبازا بقوله
[إن أنسى لا أنسى خبازا مررت به = يدحو الرقاقة مثل اللمح بالبصر
مابين رؤيتـها في كـفه كـرة = وبين رؤيتـها قـوراء كالقمر
إلا بمقــدار ما تنـداح دائرة = في لجة الماء يلقى فيها بالحجـر]
وقال فيه أبو العتاهية برغم زهده الكاذب، الذي كان يموه به الناس بينما يعيش من أفضال البلاط العباشي في بحبوحة وسعة عيش
[رغيـف خـبـز يـابـس = تــأكــلـه فــــي زاويـــة
وكوز مـــــاء بـــــارد = تـشـربـه مـــن صـافـية
وغــرفـــة ضـيـــقـــة = نـفـسـك فـيـها خـالـية
أو مـسـجـد بـمــعـزل = عـن الـورى في ناحية
تقرأ فــيــه مـصـحـفا = مــســتـنـدا بــســاريـة
معـتـبرا بمـن مـضـى = مـن الـقـرون الـخـالية
خـيـر من السـاعات = فـي القصور العـالية
تعقــبـهـا عقــوبــة = تصـلـى بــنـار حـامـيـة[

وأقسم الشاعر ابن الجزار برغيف الخبز
[قسمًا بلوح الخبز عند خروجه/ من فُرنه وله الغداة بخار
ورغائفٍ منه تروقُكَ وهي في/ سحب الثِفال كأنّها أقمار
فكأنّ باطِنه بكفّك درهم/ وكأنّ ظاهِر لَوْنه دينار.]

ويقول محمود درويش: "إنا نحب الورد لكنا نحب الخبز أكثر... ونحب عطر الورد لكن السنابل منه أطهر..."

وقد أبدع الشاعر الأعشى في وصف شواء
[ﻭﻗﺪ ﻏﺪﻭﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻧﻮﺕ ﻳﺘﺒﻌﻨﻲ *** ﺷﺎﻭٍ ﻣﺸﻞٌ ﺷﻠﻮﻝٌ ﺷﻠﺸﻞٌ ﺷﻮﻝُ]
- ﺍﻟﺤﺎﻧﻮﺕ : ﻣﻜﺎﻥ ﺑﻴﻊ الشواء .
- ﺷﺎﻭٍ : ﺍﻟﺸﺎﻭﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻮﻱ ﺍﻟﻠﺤﻢ .
- ﻣﺸﻞ : ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻔﻮﺩ، ﺣﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺸﻮﺍﺀ،
- ﺍﻟﺸﻠﻮﻝ : ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭ .
- ﺍﻟﺸﻠﺸﻞ : ﺍﻟﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ .
- ﺍﻟﺸﻮﻝ : ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺧﻔﺔ ﺍﻟﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ .

زلامريء القيس أبيات من معلقته حول عقره لناقته واطعام العذارى:
[وَيَوْمَ عَقَرْتُ للعَذارى مَطيّتِي/ فيا عجبًا من كورِها الْمُتَحَمَّلِ/
فظلَّ العذارى يرْتَمينَ بلحمها/ وشحمٍ كَهُدَّابِ الدَّمَقس الْمُفَتَّلِ.]

وفي المقامة الجاحظية لبديع الظمان الهمذاني نقرأ قوله: [... ثُمَّ عَكَفْنَا عَلَى خِوُانٍ قَدْ مُلِئَتْ حِيَاضُهُ، وَنَوَّرَتْ رياضُهُ، وَاصْطَفَّتْ جِفانُهُ، وَاخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ فَمِنْ حَالِكٍ بِإِزَائِهِ نَاصِعٌ، وَمِنْ قَانٍ تِلْقَاءَهُ فَاقِعٌ، وَمَعَنا عَلى الطَّعَامِ رَجُلٌ تُسَافِرُ يَدُهُ عَلَى الخِوَانِ، وَتَسْفِرُ بَيْنَ الأَلْوَانِ، وَتَأْخُذُ وُجُوهَ الرُّغفَانِ، وَتَفْقأُ عُيُونَ الجِفانِ، وَتَرْعَى أَرْضَ الجِيرانِ، وَتَجُولُ في القَصْعَةِ، كَالرُّخِّ في الرُّقْعَةِ، يَزْحَمُ باِللُّقْمَةِ اللُّقْمَةَ، وَيَهْزِمُ بِالمَضْغَةِ المْضغَة، وَهْوَ مَعَ ذَلِكَ ساكِتٌ لاَ يَنْبِسُ بِحًرفٍ، وَنَحْنُ فِي الحَدِيثِ نَجْري مَعْهُ، حَتَّى وَقَفَ بِنَا عَلَى ذِكْرِ الجاحِظِ وَخَطابَتِهِ، وَوَصْفِ ابْنِ المُقَفّعِ وَذَرَابتِهِ، وَوَافَقَ أَوَّلُ الحَدِيثَ آخِرَ الخِوَانِ]
والجاحظ حول طعم رأس الخروف، الذي يتفنن عبرها في تفصيل رأس الخروف كأنه طباخ ماهر، ويسبغ على كل قطعة ما تستحقه من إطراء يسيل اللعاب

ومن حملى ابيات يصف فيها الشّواء يقول الشاعر مصطفى حمزة
[قامَ الشِّـــواءُ ، فثارَ الدَّخْــنُ واللّهَــــــبُ
وانهَــلّ نَهْـــرٌ مِنَ العينيْـــنِ ينسَـــــكِبُ
وانهَـــدّ مِنْ جَسَـــدِ الشّــوّاءِ ســــــاعدُهُ
ونالَ مِنْ ظهــــرِهِ الإجْهـــادُ والتعَــــبُ
تشــــــــمُّ رائحــةَ المَشــــويِّ مِعدَتُـــــهُ
فيقتــلُ الصَّـبرَ فيهــــا الشــمُّ والسّـــغَبُ]
يَمُــدّ كيْ يَتحـــرّى النُّضْـــجَ إصْــــبَعـَهُ
فيلســعُ الإصْـبعَ الممـــدودةَ اللهَــــــــبُ
ولا يَتــوبُ ، فبَعْــــدَ المَصِّ يُرســــــلُها
أخرى ، تجــسُّ ؛ لعلّ النُّضْـــجَ يقتربُ

في هذه المجموعة حرصنا على اختيار أطباق شهية من المطبخ العالمي، وموائد الشعوب، ومن التراث الغذائي العربي الذي تفنن أهله في ابتداع انواعه وأسمائه التي اكتسبت تسميات غريبة تدل على سعة خيالهم، فأحالوا المطبخ إلى فن، والوجبة الى تخفة فنية تسر الناظرين، مما يضفي معليها مسحة جمالية وفنية..
ويحفل ديوان المطبخ المغربي بالعديد من الأراجيز والمنظومات والقصائد والاغاني التي تتغنى بالاكلات اللذيذة، وبأنواع الأشربة الطيبة، منها:

قصيدة القهوة والأتاي للشيخ سيدي المدني التركماني المغربي
ألفية الطعام لعامر الانبوطي
أرجوزة في مَدْحِ أَتَاي (الشاي المغربي) للشيخ عبد السلام الزموري الفاسي المغربي مع شرح العلامة سيدي المكي البطاوري
الأرجوزة الشقرونية.. من ديوان عبدالقادر بن العربي المنبهي المدغري ابن شقرون المكناسي، توفي بعد عام 1140 هـ - 1727 م
أرجوزة نادرة في الغذاء والطبخ لابن قنفذ القسنطيني (740-810هـ/1340-1407م)
أرجوزة في عشبة الشاي للعلامة سيدي محمد البكري بن عبد الرحمان التنلاني التواتي ( الأدراري)
منظومة ابن الاعسم في الماكل و المشرب.. الشيخ محمد علي بن حسين الزبيدي النجفي
أرجوزة العمريطي المتوفي سنه 979 هـ في تحريم القهوة (الضائعة)
رائعة الصينية لفرقة ناس الغيوان
قصيدة "الزردة" (من شعر الملحون المغربي) للشيخ محمد بن علي المسفيوي
قصيدة "السخينة".. نموذج للقصيدة الملحونية بالعربية المهوّدة المغربية لمؤلف مجهول

تلك سيرة الخبز بكل أنواعه الحلو والمر والحافي والدسم، عبر موائد من التراث الغذائي، واطباق شهية، لأن العين تأكل قبل البطن أحيانا
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى